مشاركة بواسطة:
كنت أعتقد أن الشفق القطبي خدعة تصوير كالأفلام السينمائية الخيالية حينما كنت صغيراً. ولكن مع إنتشار شبكات التواصل الإجتماعي، إتضح لي أن الكثير من المناطق والأحداث والظواهر في عالمنا حقيقية. عندها بدأ الأشخاص بالتهافت على مشاهدة الظواهر الطبيعية ومن ضمنها ظاهرة الشفق القطبي.
من منا لا يرغب برؤية ظاهرة الشفق القطبي على أرض الواقع؟
أنا وبكل تأكيد أرغب بذلك. كانت النرويج أحد أهم الوجهات التي أود زيارتها، وعلى ضوء ذلك سنحت لي فرصة رائعة في خريف ٢٠١٨ لزيارة النرويج عن طريق رحلة تصوير الشفق القطبي والمناظر الطبيعية بقيادة مصور المناظر الطبيعية محمد العنقري.
بدأت الرحلة بإعلان على منصة تويتر لتنظيم رحلة تصوير في جزر لوفوتن بشمال النرويج. تواصلت مع الأخ محمد وتمت الترتيبات على أكمل وجه.
سفارة النرويج في أبو ظبي تعطي تأشيرة لمدة السفر فقط لا غير بعكس جميع السفارات الأوروبية
وبعد شهور من إنتظار لحظة السفر، انطلق الجميع إلى نقطة اللقاء في مطار ايفنيس. تعرفت على مصوري الرحلة وهم ٤ أشخاص رائعين: محمد العنقري وهاني المرهون وعبدالمجيد الجهني وسعود الجذلي.
الليله الأولى
تمتاز منطقة لوفوتن بمناظرها الخلابة من الجبال والقمم الهائلة والبحر المفتوح والخلجان المحمية والشواطئ الصخرية. الفرص كبيرة للخروج بنتائج تصوير مميزة. بتنا أول ليلة بالقرب من المطار. وفي صباح أول يوم لنا في النرويج، إنطلقنا إلى قرية ليكنس (Leknes) للإقامة فيها والإنطلاق فيما بعد إلى وجهات مختلفة بالأيام القادمة. عند وصلولنا للوجهه، تسوق البعض منا ما ينقصه من أغراض، ومن ثم تناولنا وجبة الغداء. وبعدها اخذنا قسط بسيط من الراحة في المنزل والتجهيز لتصوير غروب أول يوم.اليوم الأول
كانت الخطة الذهاب إلى شاطئ أوتاكليف (Uttakleiv Beach) وتصوير التكوينات الصخرية مع الشاطئ والجبل كخلفية للصورة. المكان عباره عن استديوهات طبيعية للتصوير. تكوينات ممتازة في أكثر من بقعة من منطقة الشاطئ.في المساء قررنا الذهاب لنفس الشاطئ لتصوير الشفق القطبي إذا ظهر في السماء. كان الحظ من صالحنا! فقد ظهر الشفق بشكل جميل في أول ليله في لوفوتن. حزمنا معدات التصوير في منتصف الليل والإنطلال للشاطئ.
لم أكن اعلم بكيفية تصوير الشفق القطبي. وقام قائد الرحلة بتعليمي الطريقة الصحيحة للتصوير.
تأكد من عدم وجود فلتر على عدسة الكاميرا كفلتر البلورايزر
اليوم الثاني
في فجر اليوم التالي إنطلقنا لتصوير جبل وبمقدمة الصورة بحيرة صغيره في منطقة بولستاد. الجو كان قارس البرودة ودرجة الحرارة تحت الصفر. للأسف لم أشتر قفازات لتدفئة يدي من التجمد، وكما يقولون باللهجة الدارجة البرد وصل للعظم.
السماء ملبدة بالغيوم ولم تشرق الشمس كما نتوقع. وقبل همومنا بالإنسحاب من الموقع، خرجت لنا الشمس بلونها الدافئ من بين الغيوم. انتهزنا الفرصة والكل اقتنص تكوين مناسب للجبل والبحيرة.
إنطلقنا لعدة مواقع في فترة ما بعد العصر للوصول لتكوينات تصوير جيدة ولكن لم يحالفنا الحظ. وبالصدفة وقعت عين سعود الجذلي على موقع مرتفع مميز بجانب الطريق السريع بمنطقة ناب (Napp). صعدنا للموقع لتصوير شلال Kvanndalselva وتصوير الجبال المقابلة لموقعنا.
اليوم الثالث
كانت الوجهه في فجر اليوم الثالث هي منطقة فلاكستد. الغيوم حجبت الشمس كامل اليوم الإ للحظات في الصباح الباكر. التقطت الصورة وأنا منبهر من إحساس دفئ الشمس ورذاذ المطر الذي يتساقط علينا. ما أجمل صنيع الخالق عز وجل.
يومنا الثالث لم يكن موفق لغزارة الأمطار وتبلد الغيوم على منطقة لوفوتن بالكامل. عندئذ قررنا الراحة في المنزل والإستعداد لليوم التالي.
اليوم الرابع وغرق الكاميرا
ياله من صباح يوم جميل. وصلنا لشاطئ هاوكلاند قبيل الشروق. الجو معتدل والمعنويات مرتفعة. إختار الجميع موقعه على الشاطئ. بدأنا بإلتقاط الصور للحصور على كادر جيد عند ملامسة أشعة الشمس للجبل الذي أمامنا.
و ماهي إلا ثوان حتى بدأت السماء تزهو باللون الوردي من خلفنا. أدرت ظهري للكاميرا لرؤية الشروق، فقدت معاها الإحساس بالمكان.
أسمع صرخات من خلفي… وما إن إلتفت لهم، لم أرى الكاميرا! أغرقها موج البحر. فنزلت بسرعة بدون إدراك لسحبها من الماء لعلى وعسى انها تنجو من التعطل. لا أتذكر باقي اليوم إلا أنني أبحث عن كاميرا أخرى لإستخدامها لباقي الرحلة. بحثت في المحلات المحلية والمواقع النرويجية ولكن لا جدوى. عندها ساعدنا مصور عالمي عن طريق الأخ محمد بموقع يقبل بطاقات عالمية وعناوين شحن غير مرتبطه بالبطاقة. تم الشراء وطلب الشحن اليوم التالي.
لا أتذكر ماذا حدث بعد ذلك في ذاك اليوم! أعتقد أني نمت مع غروب الشمس إلى صباح اليوم التالي.
اليوم الخامس
بقيت في المنزل لإستلام الشحنة في الوقت المحدد.
اليوم السادس
أخيراً وبعد طول إنتظار وصلت الشحنه في عصر هذا اليوم. وبشكل سريع أخرجت البطارية من العلبة لشحنها و الإستعداد للخروج مع الباقين عند عودتهم.
التقطت صورة لحركة الأمواج للخروج بعمل أبيض وأسود لعدم خروج الشمس من بيت السحب في وقت الغروب. وفي مساء هذا اليوم تعلمنا من المتألق محمد العنقري بعض من خطواته في معالجة صور الطبيعة.
اليوم السابع
حزمنا الأمتعة للذهاب لمنطقة بوقن فوتن (Bogen i Ofoten) لتصوير مناطق أخرى من لوفوتن. بالطريق وقفنا عدة مرات للراحة وتناول الوجبات والقهوة. تعرفنا على صاحب مطعم عراقي الأصل يعيش في النرويج منذ ٢٠ عام تقريباً وعرض علينا شراء عقار هناك!
ولحظة وصولنا إلى النزل في بوقن فوتن، بدأنا بالبحث عن إمكانية ظهور الشفق القطبي. كانت البرامج تدل على سماء صافية في منطقتنا وشدة متوسطة لإضاءة الشفق القطبي.
تناولنا وجبة العشاء، وبعد ذلك قمنا بمعالجة أحد الصور. الجميع مجتمع لمشاهدة المعالجة وتحسين الصورة ومناقشة الخطوات. ليلة رائعة بحق.
الأخ عبدالمجيد الجهني بدأ برؤية الشفق في منتصف الليل. عندها تجهز الجميع للخروج لمكان بعيد عن القرية لتصوير الشفق القطبي. وعند وصولنا للمكان المنشود، إرتجل الجميع من السيارة والسير إلى شط الخليج. الظلام دامس، لا نرى شيئاً على الإطلاق. أستعان الجميع بإضاءة الأجهزة المحمولة لرؤية المسار. الجميع جاهز لإلتقاط الصور. اطفئ الجميع إضاءة أجهزة الهاتف للسماح لبؤبؤ العين بالإتساع ورؤية المكان في الظلام.
بدأت برؤية الشفق القطبي أمامي. إلتقطت الصورة التالية للشفق القطبي مع النجوم والجبل. أعتقد أني محظوظ بتصوير الشفق بشكل مقبول في أول رحلة لي لتصوير هذه الظاهرة الجميلة.
اليوم الثامن
اليوم مخصص بالكامل لتصوير جبل ستتند (Stetind Mountain) و الذي يعتبر من الجبال الوطنية في النرويج. عندما ترى الجبل، لن تنساه أبدًا لتميز قمة الجبل عن باقي الجبال.
إلتقطنا عدة صور للجبل وكان أجملها هي صورة لإنعكاس غروب ناري على قمة الجبل.
اليوم الأخير
كان يوم ممطر وغائم كلياً… حينها قررنا أن يكون يوم بلا جدول محدد. رأينا عدة مناطق مجاورة وأستمتعنا بالجولة إلى مغيب الشمس. بعد ذلك عندنا إلى المنزل لتناول وجبة العشاء وتبادل الأحاديث في مجالات عدة. وفي منتصف الليل الجميع بدأ بترتيب الحقائب للإستعداد للعودة لأهلنا.
مشاركة بواسطة:
التعليقات: ٣
اكتب تعليقك.